كتاب لمحات عن تاريخ قبيلة أولاد بوعشرة
عنوان الكتاب: لمحات عن تاريخ قبيلة أولاد بوعشرة .
المؤلف : الأستاذ الحسين باتا .
الرابط
غير متوفر
غير متوفر
قبل صدور كتابه الثاني الموسوم ب: "الخدعة الكبرى: الإمبريالية في لبوس ثورية (2011)"، الذي قدم فيه الباحث "حسين باتا" قراءته حول المشهد السياسي لتحولات المجتمع العربي تزامنا مع ربيع الثورات والاحتجاجات الشعبية العربية المعلنة في وجوه الحكم الاستبدادي للأنظمة الديكتاتورية المخلوعة؛ يأتي في مؤلفه الأول: "لمحات عن تاريخ قبيلة أولاد بوعشرة"، الصادر (2010) عن دار نشر إعلاميات مطبعة ملك سطات؛ لرصد بعض مظاهر ثقافة الصحراء المغربية.. ففي هذا الكتاب تطرق الباحث للحديث عن أصل تسمية القبيلة بهذا الإسم، وبحث فيه عن تاريخها وجغرافيتها في إطار علاقتها بالقبائل الصحراوية المجاورة لها، كما عني فيه كذلك بوصف إثنوغرافي لمجتمع القبيلة ورصد أنماط حياته الشعبية، ومن ثمة تصويره لوضعية الأفراد في بيئتهم، ولمختلف المظاهر المادية لنشاطهم في مؤسساتهم، وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم، وسائر قيمهم الدينية والأخلاقية والإجتماعية.
أما مواد أبحاث الكتاب، فقد توزعت عبر ثلاث مراحل؛ أفتتحت بالمقدمة كعتبة أولى لا يكاد يخلو منها أي بحث، باعتبارها عقدا يربط بين المؤلف والقارئ، ينسجم مع تقاليد النشر والقراءة والتلقي؛ وفيها عرض الباحث بواعث التأليف والدوافع التي كانت خلف اقتحامه للبحث في هذا الموضوع، الذي يتداخل فيه ماهو ذاتي بآخر موضوعي.
وأتبع المقدمة بمباحث تتناول قضايا مختلفة، موزعة بين ثنايا مضمون الكتاب؛ سعى في أولها إلى التأريخ لقبيلة "أولاد بوعشرة"، لبيان أصلها وملامسة المدلول الحقيقي لمعنى التسمية. وفي ثانيها عمل على إظهار ما عرفته القبيلة من أوضاع اقتصادية واجتماعية متحولة، ومنها انتقل إلى ذكر حالتها وعلاقتها بمحيطها إبان مرحلة الإستعمار، التي عرفها المغرب في الفترة الممتدة من عهد الحماية 1912 إلى سنة حصوله على استقلاله 1956، ثم قدم فضلا عن ذلك، وصفا لطبيعة الحياة الإجتماعية للقبيلة وتجلياتها الثقافية والدينية خلال القرن العشرين.
في حين أتت خاتمة الكتاب مستقلة بنفسها في ورقة، سرد فيها الباحث خلاصة موجزة لنتائج موضوعات الكتاب من بدايته إلى نهايته، وذيلها بثلاث ملاحق؛ أحدها عبارة عن نصوص لوثائق مدونة، ويشمل ثانيها على نماذج لرويات شفوية معتمدة، أما ثالثها فيضم أمثلة لنسخ مصورة لوثائق البحث الأصلية، وصورا أخرى فوتوغرافية لبعض الأماكن التي زارها الباحث أثناء دراسته الميدانية.
ولعلّ اللافت للنظر في هذا الكتاب، أنه إذا كان المسار الذي اتخذه البحث فيه يصب إجمالا في الإتجاه التاريخي، فإنه لم يخلو من إشارات لمظاهر الثقافة الشعبية، والتي لم تكن خاطفة أبدا بقدر ما هي مهمة، وهي ذات اتصال حميم بالأدب الشعبي وطبيعة الحياة الإجتماعية للقبيلة موضوع البحث، والتي تدخل ضمنها مكونات ثقافية وشعبية متنوعة ومحددة في الوقت عينه، يمكن تصنيفها ضمن ما يشكل أنماطا للسلوك ومظاهر الأدب الشعبي والحياة الاجتماعية والثقافية للقبيلة، ويشمل ذلك كلاّ من: (العادات والتقاليد – أعراف القبيلة ومكوناتها الدينية – التراث الشعبي بنوعيه: الشفهي، ويتجسد في الأمثال وأصناف اللغة؛ والاحتفالي، ممثلا في فن الكدرة والرقص الشعبي باعتباره القاعدة الرمزية لهذا الفن، الذي ما زال يعرف لنفسه رسوخا وامتدادا في مختلف ربوع الصحراء المغربية إلى اليوم).
وخلاصة القول في الكتاب عموما، أنه يؤرخ لأصل هذه القبيلة، ويعرف بالقبائل المجاورة والمتاخمة لها من الصحراء، كما يعرّف كذلك برجالاتها المختلفين باختلاف اهتماماتهم ونشاطاتهم، إذ نجد منهم الراعي والمتحزب والمنخرط في العملين النقابي والسياسي، فضلا عن المناضل في صفوف أعضاء جيش التحرير والمقاومة ضد أذناب الاستعمار الفرنسي منذ فترة الاحتلال إلى فترة الاستقلال المغربي.
وتجدر الإشارة في الأخير، أن الكتاب يستمد قيمته وأهميته، في استجابة صاحبه بطريقة أو بأخرى، إلى نداء المؤرخين المغاربة الكبار ممن يصنفون ضمن خانة رجال الحركة الوطنية، من أمثال: محمد المختار السوسي صاحب "المعسول" بأجزائه العشرين، ومحمد بن داوود التطواني مؤلف "تاريخ تطوان" في تسعة أجزاء، وعبد الرحمان بن زيدان مؤرخ مكناس في كتابه "إتحاف الناس بجمال حاضرة مكناس" بأجزائه الخمسة.
وكان هؤلاء وغيرهم يشتغلون كما يدعون في الوقت نفسه ويطالبون مختلف الباحثين، إلى الإهتمام بتدوين تاريخ مناطقهم الخاص، وينطلقون جميعا في دعوتهم هذه من هدف واحد كقاسم مشترك بينهم، وهو الرغبة في كتابة التاريخ المغربي العام، وضمن الهاجس نفسه، هو السعي إلى الحفاظ على الهوية الوطنية والدفاع عن الكيان الوطني والثقافة الشعبية المغربية، المتعددة بتعدد روافدها مهما اختلفت مناطقها، وتمايزت عاداتها وتنوعت أساليبها الفنية وأشكالها التعبيرية المختلفة.
*
اين اجد هذا الكتاب؟
ردحذف